وهي عدة بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الآخرة لحكمة تقتضيه. (لَكانَ)
أي الإهلاك بجناياتهم
، (لِزاماً) ، أي لازما لهم بحيث لا يتأخر عن جناياتهم ساعة. (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (١٢٩) عطف على كلمة أي ولولا أجل مسمى ، لعذابهم يوم القيامة ، لما تأخر
عذابهم أصلا ، (فَاصْبِرْ عَلى ما
يَقُولُونَ) ، أي لا يضطرب قلبك يا أكرم الرسل ، لما صدر منهم من
الأذيّة ، بالشتم والتكذيب ، فيما تدعيه من النبوة.
فقالوا : إن محمدا
ساحر ، أو مجنون ، أو شاعر ، أو غير ذلك. فهذه الآية غير منسوخة. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) ، أي ساعاته. (فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ).
عطف على محل من
«آناء» المنصوب بـ «سبّح» المقرون بالفاء الزائدة ، أو عطف على «قبل» ، أي في طرفي
نصفيه ، أي في الوقت الذي يجمع الطرفين ، وهو وقت الزوال ، فهو نهاية للنصف الأول
، وبداية للنصف الثاني ، أي اشتغل بتنزيه الله تعالى في هذه الأوقات عما ينسبونه
إليه تعالى مما لا يليق به ، حامدا له على ما ميّزك بالهدى. أو المعنى صلّ وأنت
حامد لربك على كمال هدايته إياك ، صلاة الصبح وصلاة العصر ، وصلاة المغرب ،
والعشاء ، وصلاة الظهر. (لَعَلَّكَ تَرْضى) (١٣٠). رجاء أن تنتفع بذلك وترضي به نفسك.
وقرأ الكسائي ،
وأبو بكر ، عن عاصم ، بضم التاء أي لعلك تعطى ما يرضيك.
(وَلا تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ) أي لا تطل نظرهما ، (إِلى ما مَتَّعْنا) ، أي ألذذنا ، (بِهِ أَزْواجاً) ، أي أصنافا (مِنْهُمْ) ، أي الكفرة من بني قريظة والنضير. (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي زينتها بدل من «أزواجا» ، أو حال من «ما» الموصولة ،
أو من «الهاء» في «به». (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) أي لنعذبهم في الآخرة بسببه أو لنجعل ذلك فتنة لهم ،
بأن يزيدوا بذلك طغيانا (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) (١٣١). أي ما أوتيته من يسير الدنيا إذا قرنته بالطاعة ، خير لك من حيث
العاقبة. أبقى لأن أموالهم الغالب عليها الغصب ، والسرقة ، فالحلال خير وأبقى.
قال أبو رافع :
نزل ضيق بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، فبعثني إلى يهودي لبيع أو سلف ، فقال : والله لا أفعل
ذلك إلا برهن ، فأخبرته صلىاللهعليهوسلم بقوله ، فأمرني أن أذهب بدرعه الحديد إليه ، فنزل قوله
تعالى : (وَلا تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ). وقال أبو مسلم : أي لا تأسف على ما فاتك مما نالوه من
حظ الدنيا ، فالذي نهى عنه الأسف لا النظر. (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) أي أهل دينك (بِالصَّلاةِ)
، لئلا يهتموا بأمر
المعيشة ، ولا يلتفتوا لفت أرباب الثروة. (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) ، أي على مشاقّها وثابر عليها غير مشتغل بأمر المعاش. (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) ، أي لا نكلفك أن ترزق نفسك ولا أهلك. (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) وإياهم ، ففرّغ بالك بأمر الآخرة
(وَالْعاقِبَةُ
لِلتَّقْوى) (١٣٢) أي العاقبة الجميلة لأهل تقوى الله تعالى.
(وَقالُوا) أي مشركو مكّة : (لَوْ لا يَأْتِينا
بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ) ، أي هلا يأتينا محمد بآية تدل على صدقه في دعوى النبوة
، وبآية مما اقترحناها. قال تعالى ردا عليهم : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ
بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) (١٣٣) أي ألم يكفهم اشتمال القرآن على بيان ما في التوراة ، والإنجيل ،
وسائر الكتب